أكّد رئيس الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني الشيخ رائد صلاح أنّ «الاحتلال الإسرائيلي للقدس سيزول وسيبقى المسجد الأقصى المبارك»، مضيفا أنّ الحاضر الإسلامي يشهد الآن صحوة إسلامية مباركة . وحذّر الشيخ صلاح في مقابلة خاصة لـ«السبيل» من الخطوات المتسارعة التي تقوم بها المؤسسة الإسرائيلية ضد المقدسيين والمسجد الأقصى المبارك، مشيرا إلى أن «المؤسسة الإسرائيلية تجري حفريات تحت الحفريات الأولى أسفل الأقصى، وأن المقدسي لا يملك في القدس إلاّ حق الطعام والمنام، وأُبعدت عنه كل مؤسساته وكل خدماتها اليومية بعد الجدار العازل»، وفيما يلي نص الحوار كاملا: }
بعد مرور شهر رمضان المبارك كيف كان تأثيره في المقدسيين، خصوصا مع الإجراءات الإسرائيلية المشددة عليهم لمنعهم من أداء الصلوات في الأقصى؟ -
مع كل الإجراءات الإسرائيلية الاحتلالية الظالمة والقبيحة التي حاولت أن تمنع أهلنا من الوصول إلى المسجد الأقصى المبارك - خصوصا الأهل من الضفة الغربية، إلا أن الملفت للانتباه أن الأهل تحدّوا جميع أوامر ووسائل هذا المنع الإسرائيلي، تحدّوا الحواجز العسكرية، وتحدّوا جدار الفصل العنصري، بل تحدّوا جيش الاحتلال الذي حاول تخويف بعضهم أو إطلاق الرصاص عليهم، وشاركونا في الصلاة في ليالي رمضان الكريم في المسجد الأقصى المبارك . وهذا كان واضحا .. حيث إنّ أعداد الحضور في كل ليلة كانت كثيرة بحمد الله رب العالمين، لقد وصلت في ليلة القدر إلى أكثر من ربع مليون مصل كانوا في رحاب المسجد الأقصى المبارك، وكذلك كانت العشر الأواخر تحظى بحضور مكثف يكاد يكون قد غطّى كل رحاب المسجد الأقصى المبارك، وفي نفس الوقت فإنّ صلوات الجمعة كما علم الجميع كان لها الحضور المميز منذ الجمعة الأولى في رمضان الكريم وحتى الجمعة الأخيرة . أستطيع أن أقول: إنّ الحياة في المسجد الأقصى المبارك خلال شهر رمضان الكريم كانت حياة إيمانية وكان الحضور كثيرا، سواء من الضفة الغربية، أم من أهل القدس الشريف أو من الأهل في الداخل الفلسطيني، من الجليل و المثلث و النقب و المدن الساحلية(عكا وحيفا ويافا واللد والرملة ). }
قلتم في إحدى المحاضرات في المسجد الأقصى: «نحن على موعد قريب مع خلافة راشدة على منهاج النبوة، وعاصمتها القدس»، ما هي المؤشرات التي دفعتكم لهذا القول؟ -
نحن لم نعتمد على مؤشرات حتى نطلق هذه البشرى، نحن اعتمدنا على حديث نبوي شريف، بل هنالك أكثر من حديث نبوي شريف يبين لنا مبشراً ومؤكداً أنه لن يطول الزمان حتى تصبح القدس الشريف عاصمة لخلافة إسلامية راشدة على منهاج النبوة، وأؤكد مرة أخرى أن هذه الأحاديث النبوية الشريفة تحمل هذه البشرى، ولعلّ من أشهرها الحديث الذي يرويه عبد الله بن حوالة يوم أن وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده الشريفة على رأسه وقال له: «يا ابن حوالة إذا رأيت الخلافة قد نزلت على الأرض المقدسة فانتظر الزلازل والبلابل والأمور العظام، والساعة يومئذ أقرب من الناس من يدي هذه من رأسك»، فهذا حديث واضح يحمل دلالة واضحة أنه لن يطول الزمان حتى تصبح القدس الشريف- بإذن الله تعالى- عاصمة لخلافة راشدة قادمة إن شاء الله تعالى ، وعسى أن يكون ذلك قريبا. أما حول المؤشرات فيكفي أن أقول: إنّ الحاضر الإسلامي يشهد صحوة إسلامية مباركة، ومع كل الجراح التي أثخنت الحاضر الإسلامي في أكثر من بقعة على يد قوات الاحتلال الأمريكي أو الصهيوني أو من يدور في فلكهم من قوات غربية، فأنا على يقين أن هذا العداء المسعور على الإسلام والمسلمين هو عداء مهزوم، وهو عداء زائل بإذن الله رب العالمين، ونحن كما بشر الرسول- عليه الصلاة والسلام- ننتظر مستبشرين وموقنين بعودة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة وعاصمتها القدس الشريف . }
تحدثت وسائل الإعلام في الفترة الماضية عن وجود اعتداءات إسرائيلية جديدة على المسجد الأقصى المبارك، والتي كان آخرها افتتاح ما يسمى «قافلة الأجيال» تحت حائط البراق ، أنتم كمراقبين لما يحدث ما هو مستقبل المسجد الأقصى في ظل هذه الاعتداءات؟ - دعني أقول: إنّ الاعتداءات مع كل أسف متواصلة، والحفريات أخذت بعدا خطيرا جدا في هذه الأيام، قلتها وما زلت أؤكد أن المؤسسة الإسرائيلية تجري الآن حفريات تحت الحفريات الأولى، وكل هذه الحفريات تحت المسجد الأقصى المبارك . وفي هذه الأيام قامت المؤسسة الإسرائيليةبافتتاح كنيس لإقامة الطقوس الدينية فيه، وهو تحت حرم المسجد الأقصى . بالإضافة إلى ذلك قاموا بإقامة ما يسمى بـ«قافلة الأجيال» تحت حرم الأقصى . والاعتداءات أكثر من ذلك بكثير، وكنت وما زلت على قناعة أن مصدر كل هذه الاعتداءات هو استمرار المؤسسة الإسرائيلية باحتلال المسجد الأقصى المبارك منذ عام 1967 م . فالخطر الأساسي على المسجد هو المؤسسة الإسرائيلية، وأخطر ما تمارسه هو استمرار احتلالها للمسجد الأقصى، ولكن مع ذلك أنا أقول من خلال قناعة واضحة إن هذا المسجد لا يُعمّر فيه ظالم، وقد علّمنا التاريخ أنّه ما من ظالم تطاول على المسجد الأقصى إلاّ وزال وبقي الأقصى، وأنا على يقين أن الاحتلال الإسرائيلي سيزول وسيبقى المسجد الأقصى المبارك . }
ترددت في الفترة الأخيرة تقارير صحفية إسرائيلية تتحدث عن حفريات أثرية إسرائيلية وجدت خلالها مخلفات أثرية للهيكل الأول والهيكل الثاني في منطقة المسجد الأقصى، كان آخرها الحديث في صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن تراب استخرج من منطقة المصلى المرواني !؟ -
هذا تقرير كاذب، وتقرير مضلل وتافه، لأنّ الذين كانوا قد وقفوا على الحفريات من الطرف الإسرائيلي مباشرة بعد عام1967م ـ وهم أصحاب الإشراف المباشر على تلك الحفريات مثل «مائير بن دوف» و «بن مزار» ـ قالوا بالحرف الواحد إنّهم لم يجدوا أي أثر إطلاقا يدل على وجود أية آثار يهودية قديمة لهيكل أول أو هيكل ثان تحت حرم المسجدالأقصى المبارك .. هؤلاء أعلنوا هذه النتيجة بعد أن قاموا بحفريات على مدار سنوات طويلة جدا .. ولذلك؛ أن يأتي أحد المدعين اليوم ليحاول أن يكذب على نفسه و يكذب على العالم، وكأنه وجد من طبقات التراب التي أخرجت من عند أبواب المصلى المرواني العملاقة آثاراً تدل على وجود آثار لهيكل أول أو هيكل ثان .. في تصوري هذا دجل رخيص ولا محلّ له من الإعراب إطلاقا . }
كثر الحديث مؤخرا عن زيادة البؤر الاستيطانية، برأيكم هل أصبح تهويد المدينة المقدسة-كاملة - قاب قوسين أو أدنى؟ -
مع شديد الأسف فإن المؤسسة الإسرائيلية تواصل تهويد القدس الشريف، ومن أخطر ما تقوم به هو إقامة البؤر الاستيطانية، ولكن بالإضافة إلى ذلك فكما يعلم الجميع لقد بنت الجدار الخانق العنصري حول القدس الشريف، لقد أخرجت بواسطة هذا الجدار الآلاف من المجتمع المقدسي الفلسطيني وجعلتهم خلف الجدار بعد أن عاشوا طوال حياتهم جزءاً لا يتجزأ من المجتمع الفلسطيني في داخل القدس الشريف .. المؤسسة الإسرائيلية أرغمت المؤسسات الفلسطينية الرسمية والكثير من المؤسسات الرسمية الأهلية أن تنتقل من القدس الشريف إلى ما وراء هذا الجدار العازل، وبذلك بدأ يشعر الإنسان الفلسطيني بأنه لا يملك في القدس الشريف إلاّ حق الطعام والمنام، وما سوى ذلك فقد أُبعدت عنه كل مؤسساته، وكل خدماتها اليومية . بالإضافة إلى ذلك فالجميع يلاحظأنّ المؤسسة الإسرائيلية تسعى بكل ثمن إلى وضع يدها على كل أرض القدس الشريف، وعلى كل بيوت القدس الشريف، وعلى كل أوقاف ومقدسات القدس الشريف، وباختصار هي تحاول أن تهوّد الأرض، وأن تهود الحياة، وتحاصر الإنسان الفلسطيني داخل هذا الجدار العنصري الخانق، وهذا ما دعاني دائما إلى أن أصرخ وأقول: القدس تهوّد كل يوم القدس في خطر، وعلى الحاضر الإسلامي والعربي أن يسعى سعياً طارئاً ومستعجلاً وفورياًّ إلى إقامة صندوق إسلامي عربي عالمي لإنقاذ القدس الشريف من التهويد الذي تعيشه ليل نهار . }
دائما الشيخ رائد صلاح يطالب الدول العربية والإسلامية بإنشاء صندوق خيري للقدس، ألا تعتقد أنّ هنالك تجاهلا واضحا بهذا الخصوص؟ -
في تصوري ما زلت على قناعة بأنّ هناك حاجة ملحة وفورية وطارئة واضطرارية لإقامة هذا الصندوق الإسلامي العربي الذي أطمع أن يلتقي عليه كل المخلصين الصادقين، والمحبين للقدس الشريف والمسجد الأقصى المبارك، حتى لو لم يكن هناك مشاركة من الحكومات الرسمية . أنا على طمع أن يكون هناك مشاركة من المؤسسات الصادقة في الحاضر الإسلامي والعربي - وهي كثيرة، وهي فاعلة وهي تملك القدرات، وتملك الرؤية الصائبة، وتملك الإخلاص في عملها .. لذلك أطمع من هذا المؤسسات أن تعجّل في إقامة هذا الصندوق، لأنّ من شأن إقامته إعطاء إمكانية لإنقاذ الكثير من أرض القدس، ومن بيوت القدس، ويعطي الإمكانية الحقيقية لتنفيذ برامج كثيرة من شأنها أن تحفظ على القدس الشريف وعلى المسجد الأقصى المبارك الحياة الإسلامية العربية الفلسطينية بكل أبعادها بإذن الله تعالى . }
كيف تقيّم دور المؤسسات المقدسية في باقي أنحاء العالم إزاء قضية القدس والأقصى؟ -
ما أسمعه وما أقرأه هو أن هناك دوراً طيباً لبعض المؤسسات في حاضرنا الإسلامي والعربي، ولكن أقولها بصراحة: هذا الدور لا يتوازى مع معاناة القدس الشريف ومع مخطط المؤسسة الإسرائيلية الاحتلالي لتهويد القدس الشريف . أنا شخصيا أبارك دور هذه المؤسسات، ولكن أجد نفسي مضطرا لأن أقول نحن بحاجة إلى صندوق واضح بدوره وبهدفه _ وهو إنقاذ القدس الشريفمن التهويد، وهذا يحتاج حقيقة إلى التقاء أكثر من مؤسسة على إنشاء هذا الصندوق، وأن يكون جاهزا فورا كي يتبنى هذا الأمل الذي يطمح إليه كل مسلم وكل عربي وكل فلسطيني.