.... لقد أفرطنا الكلام عن التربية تائهين في دروبها الغربية التي لا تجد لها طريقا للخروج الى الفضاء الواسع الفسيح . لماذا نحرص على اقحام النظريات الغربية ؟نفسح لها الأبواب على مصراعيها لتوجهنا الى الأهداف والغايات والوسائل والطرائق والأساليب كاليتامى على موائد اللئام .
تربيتنا ليست تربيتهم . لدينا أصول نستند عليها وقواعد , أصول التربية عندنا ثوابت نعض عليها بالنواجد , ليست نظريات بشرية , ولا هي من فلسفات القوم , ولكنها ربانية المصدر الهية التخطيط . فالله الخالق لهذا الكائن الحي شرع له قبل الوجود منهجا ورسم له شرعة للحياة على هذا الكون . فمن تنقصه منا المعرفة في هذا المجال فليتحر الايات في القرآن الكريم , وليسائل أحاديث الرسول العظيم , كيف أنشأت المدرسة الالهية أصحاب الرسالات والعزائم , من الرسل والأنبياء والصلحاء في قومهم , رعتهم ملائكة الرحمن , وجنود الرحمن على الأرض , فماذا نقول عن الاشراف التربوي لرب العباد على نبيه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حتى اكتمل خلقا وخلقا ؟ وماذا نقول عن الاشراف التربوي للنبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه وتكوينهم في مدرسة النبوة فصاروا نجوم الأمة يهتدى بهم ويقتدى .
أتحتاج التربية الربانية الى تدخل مباشر من الكائن البشري العاجز ؟ كيف يتمكن العاجز من تحديد الأهداف وتعيينها ؟ لا يعلم الانسان دقائق حاجته بقدر ما يعلم فاطر السماوات والأرض . ولأجل أهداف رسمها الخالق عز وجل وخطط لها تم خلق الانسان . فالمقاصد الشرعية هي أهداف التربية الاسلامية بل هي عينها لا انفصام بين مفهومها ومقاصدها , ولا بين مسطورها وتطبيقاتها . ولو أننا التزمنا بالمنهاج الرباني في التربية , ولو أننا تأسينا بمنهج المدرسة النبوية , لآحتفظنا بالصرح التربوي العلمي والتقني الذي شيده العلماء المسلمون منذ انشاء الدولة الاسلامية الأولى .